مرض الزهايمر و كيفية تجنب الإصابة به أدمغتنا آلات لغسل الصحون، عندما تم تحليل أدمغة لجثث مرضى قد قضوا و كانوا قبل موتهم مصابين بمرض الزهايمر أو مرض فقدان الذاكرة، تم ملاحظة أن هناك ترسبات كبيرة plaque أو ما تعرف كيميائياً بمركيات البيتا اميلويد beta amyloid بين الخلايا العصبية داخل ادمغتهم.
في الواقع هذه الترسبات كانت هي السبب الأساسي وراء مرض الزهايمر أو فقدان الذاكرة الذي أصاب هؤلاء الأشخاص في آخر أيام حياتهم.
فكر العلماء و قالوا ماذا لو إستطعنا أن نزيل هذه الترسبات من بين الخلايا العصبية، أليس من الممكن أن يستعيد المريض قدراته العقلية و الإدراكية. و تعد محاولات و تجارب و أستعمال أنواع مختلفة من الأدوية للأسف باءت كل المحاولات بالفشل ولم يكن لهذه الأدوية و العقاقير من فائدة تذكر.
فقرروا في نهاية المطاف أن يخطوا خطوة إلى الوراء، و يعودوا إلى أصل المشكلة فبدأوا بالبحث لمعرفة أسباب تراكم هذه الترسبات بين خلايا الدماغ، و شرعوا بالتقصي وراء الأسباب و العوامل التي تحفز أو تزيد حدوثها.
وهنا كانت الصدمة… لقد عدنا من حيث بدئنا، إنه هرمون الأنسولين مرة أخرى، هو سر سعادتنا و شقائنا في آن واحد.
لا أدري إن كنت قد سمعت عن النظام الغليمفاوي glymphatic system و الذي تم إقتراحه أو إفتراضه سنة 2013 من قبل عالمة الأحياء الدنماركية مايكن نيدرجارد maiken nedergaard هي و فريقها البحثي الذي كانت تقوده في كلية الطب بجامعة روتشستر rochester في نيويورك من أجل دراسة وظائف النوم و هي تعمل اليوم كأستاذة في مركز الفلوم الأساسية و التردمة العصبية في جامعة كوبنهاغن.
بقترح هذا النظام بأن الدماغ لديه شبكة من القنوات التي تطهر السموم و تغسلها بالسائل الدماغي الشوكي فهو أشبه بنظام تصريف للنفايات و السموم الضارة في الجسم حيث ينشط هذا النظام أثناء النوم ليبدأ الدماغ بتنظيف نفسه و بظرج كل المركبات السامة التي تراكمت أثناء العمل و النشاط و التفكير طوال اليوم بما فيها مركبات الأميلويد هذه و مركباتها الثانوية.
لقد كنا تعرف خلال العقود المنصرمة بأن النوم ضروري لتشكيل الذكريات و توطيدها و أنه يلعب دوراً مركزياً في تكوين روابط عصبية جديدة و إصلاح الروابط القديمة، ولكن لم نكن نتخيل بأن الدماغ يقوم بتنظيف خلاياه أثناء النوم.
لقد كان الإعتقاد السائد بأن تنظيف الدماغ بتبع للجهاز اللمفاوي lymphatic system و الذي يعتبر الحارس النشيط للجهاز العصبي، ولكن يبدو أن خلايا الدماع و دهاليزه تعتبر بعيدة المنال عن سلطة الجهاز اللمفاوي هذا، بالإضافة إلى كون الدماغ جهازاً فائق النشاط في الجسم و لربما يستهلك حوالي 20% من الطاقة التي تزودها لجسمك يومياً الأمر الذي سيصعب المهمة على الجهاز اللمفاوي لوحده.
بعد ذلك ظهرت نظرية جديدة تقول بمبدأ التدوير الذاتي أي أن خلايا الدماغ تقوم بتدوير نفاياتها ذاتياً وتعيد تنظيف نفسها و حين تفشل الخلايا بهذه المهمة تتراكم ترسبات الأميلويد ليصاب المرء بمرض الزهايمر.
ولكن maiken ترى أن خلايا الدماغ مشغولة تماماً طوال اليوم وليس لديها الوقت الكافي لتقوم بتدوير نفاياتها ذابياً. فلا بد من أن يكون هناك نظام الغليمفاوي المقترح حديثاً و الذي ينشط فقط أثناء النوم.
الأخبار السيئة هي أن هرمون الأنسولين عند إفرازه و إرتفاعه في الدم بعيق عملية التنظيف الجارية هذه داخل الدماغ الأمر الذي سيسمح بتراكم كميات أكبر من ترسبات الأميلويد بين الخلايا العصبية في الدماغ.
أما الأخبار السارة فهي أن الخالق وهبنا سلاحاً فعالاً للتعامل مع هذه المشكلة هذا السلاح هو الأنزيم المهدئ للأنسولين insulin degrading enzyme أو ما بعرف إختصاراً بIDE و الذي يلعب دورين هامين في آن واحد: الأول هو إعاقة و تعطيل عمل الأنسولين، و الثاني هو تحطيم بروتينان الأميلويد و تخليص الدماغ منها.
و بالتالي لك أن تتصور ما تفعله في جسمك بتناولك المفرط للكربوهيدرات و السكريات و خصوصاصاً عند المساء، فكلما إستهلكت سكاكر أكثر سيتم إفراز كميات أكبر من الأنسولين و هو الأمر الذي سيعيق عمل أنزيم الIDE (لأن هذا الأنزيم سيكون مشغولاً بالعمل في إعاقة الأنسولين بدلاً من العمل على تحطيم الأميلويد) و بالتالي الترسبات في دماغك ستزداد أكثر و أكثر.
لذلك عليك أن تتعلم القاعدة الأولى في التغذية السليمة و التي تساعدط في وقاية جسمك و تأخر الشيخوخة و تحمي عقلك من الزهايمر أو الخرف في المستقبل و هي: لا تأكل قبل النوم ب3 ساعات، السبب: لكي لا تنام و مستويات الأنسولين ما زالت مرتفعة في دماغك. فذهابك للنوم و تراكيز الأنسولين في أدنة مستوياتها في دماغك ستتيح الفرصة كاملة للأنزيم الIDE بالعمل في تحطيم بروتينات الأميلويد الأمر الذي سيوقف تراكم الترسبات بين خلايا دماغك قدر المستطاع.
فهذا الأنزيم هو سائل التنظيف الذي يتم إستعماله في غسالة الصحون (و التي هي دماغك) لتنظف الأطباق (و التي هي خلايا دماغك) من المركبات السامة و عدم السماح بتراكمها. القاعدة الثانية هي النوم الصحي أي لمدة تتراوج بين ال7 إلى 9 ساعات للبالغين لتعطي لدماغك القدرة على تنظيف ما تراكم من مركبات ضارة بين خلاياه طوال اليوم.
تصور كل ذلك يحدث و أنت نائم و لا تشعر بشيء لذلك لا بأس إذا إستيقظت أن تقول: اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد و لك الشكر.
المرجع: كتاب التغذية والعقل Brain and Nutrition
لـ أحمد الحسين ، جامعة لوند ، السويد.
متاح للتوزيع و باللغة العربية في كل دول العالم على الرابط:
https://bit.ly/2XZfPO8
#أخصائي_التغذية_أحمد_الحسين